في كلمات هادئة لكن مليئة بالمعاني، قال ليو ميسي:
"لم أعد أطلب أي شيء.
كنت أفتقد كأس العالم... لقد فزت بها جميعًا."
عبارة تختصر مسيرة لاعب لم يترك لقبًا إلا وترك بصمته عليه.
ميسي، الذي قضى سنوات يحلم برفع الكأس الأغلى، رفعها أخيرًا في قطر، لتكتمل حلقة المجد، وينتهي الصراع بين ما يحققه اللاعب وما يستحقه.
لم يكن الإنجاز مجرّد بطولة تُضاف إلى رصيده، بل كان لحظة اعتراف من كرة القدم نفسها، وكأنها قالت له أخيرًا: "لقد نلت ما تستحق".
في عالم تُقاس فيه القيمة بعدد الألقاب، أثبت ميسي أن القيمة الحقيقية تكمن في الاستمرارية، في البقاء في القمة رغم تبدل الأجيال، وتغيّر الظروف، والضغوط التي لا ترحم.
ليو لم يكن نجمًا موسميًا، بل نجمًا دائم السطوع، حافظ على مستواه الفني، وارتقى بروحه الرياضية ومبادئه.
ورغم الألم، قرر ميسي أن يكون صادقًا مع نفسه وعائلته، فتوجه إلى إنتر ميامي، بعيدًا عن أضواء أوروبا، باحثًا عن هدوء ما بعد العاصفة.
لم تكن رحلة للراحة، بل لاختيار بيئة تمنحه الحياة التي يفتقدها: وقت أكثر مع العائلة، راحة ذهنية، وملعب جديد يُعبّر فيه عن شغفه دون صخب وضغوط الميديا الأوروبية. وفي هذا الاختيار، درس كبير للاعبين الطامحين: المجد لا يُقاس دائمًا بعدد الجماهير أو الكاميرات، بل أحيانًا بقيمة الهدوء والاتزان بعد سنوات من اللهاث خلف الألقاب.
أن تصدر هذه الكلمات من ميسي، فهي ليست مجاملة بل شهادة تاريخية.
لامين يامال، الذي ما زال في عامه السابع عشر، أصبح تحت المجهر بمجرد أن قال عنه ميسي هذه الكلمات.
لكنه، على عكس كثير من النجوم الصاعدين، أظهر نضجًا كرويًا وفنيًا فريدًا.
موهبته، كما قال ميسي، لا تزال في طور النمو، لكنها تعد بالكثير.
والأهم من ذلك، أن إشادة ميسي به كانت تلميحًا إلى نقل الشعلة – من أسطورة إلى من قد يكون أسطورة قادمة.
ميسي يُدرك جيدًا أن الزمن يمضي، وأن الملاعب ستشهد نجوماً جُدداً، لكنه يعلّمنا من خلال كلماته وسلوكياته أن العظمة لا تعني احتكار المجد، بل تشجيع من يأتون بعدك، تمهيد الطريق لهم، والوقوف بجانبهم كما لو كنت تراهم امتدادًا لك، لا منافسين لك.
تعليقات
إرسال تعليق